ملخص أحكام طهارة المريض وصلاته

صورة لمشاركة المدونة ملخص أحكام طهارة المريض وصلاته

بسم الله الرحمن الرحيم
ملخص أحكام طهارة المريض وصلاته

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فهذا مقال لخصت فيه أحكام طهارة المريض وصلاته، حيث تمس حاجة المرضى إليها، ويكثر السؤال عنها، وأسال الله -عز وجل- الإخلاص والسداد، والنفع والبركة.

ملخص أحكام طهارة المريض

من أراد الطهارة وكان في بعض أعضاء الطهارة جرح فإنه يغسله بالماء إن قدر على ذلك، فإن كان الغسل بالماء يضره؛ غَسل سائر الأعضاء السليمة ومسح محل الجرح مسحاً؛ فَيَبُل يده بالماء ويُمرها عليه، فإن كان المسح بالماء يضره -أيضاً- فإنه يجمع بين الوضوء والتيمم؛ فيتوضأ لجميع الأعضاء ما عدا موضع الجرح من أعضائه ثم يتيمم عن موضع الجرح فقط، وكذلك إذا كان في بعض أعضائه كسر -أو نحوه- مشدود عليه خرقة -أو جبس- فإنه لا يتيمم وإنما يمسح عليه بالماء بدلاً من غسله؛ لأن المسح بدل عن الغسل، والميسور لا يسقط بالمعسور([1]).

ومن عجز عن الوضوء كأن يكون أقطع اليدين أو مريضاً عاجزاً عن الحركة، فوجد من يوضئه متبرعاً لزمه ذلك؛ لأنه في حكم القادر عليه([2]).

وإن لم يجد من يوضئه إلا بأجرة يقدر عليها، لزمه ذلك -أيضاً- كما يلزمه شراء الماء([3]).

وإن جهل حكم ذلك، فتيمم بعد عجزه عن الوضوء بنفسه مع وجود من يوضئه بتبرع أو أجرة يقدر عليها، فلا شيء عليه فيما سبق من الصلوات بالتيمم؛ للجهل([4]).

وإن عجز عن الوضوء ولم يجد مَن يوضئه بتبرع ولا أجرة يقدر عليها، وكان قادراً على التيمم؛ وجب عليه التيمم؛ كعادم الماء إذا وجد التراب؛ لقول الله -تعالى-: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾[النساء:43]([5]).

وإن لم يقدر على التيمم بنفسه، ووجد من ييممه، لزمه ذلك أيضاً، فيضرب الشخص الأرض الطاهرة بيديه ويمسح بها وجه المريض وكفيه([6]).

وإن لم يقدر على الوضوء أو التيمم لا بنفسه ولا بغيره بتبرع أو بأجرة يقدر عليها، صلى على حسب حاله، ولا إعادة عليه؛ كعادم الماء والتراب([7]).

وإذا عجز عن الاستنجاء أيضاً، ووجد من يطهره ويعتني به ويغسله من أوساخه ويلبسه ثياباً حسنة للصلاة بتبرع أو أجرة يقدر عليها؛ لزمه ذلك، فإن لم يتيسر ذلك ولم يكن عنده من يساعده، صلى في ثيابه التي فيها النجاسة، وعلى فراشه، وليس عليه إلا ذلك؛ لقوله -تعالى-: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾[التغابن:16]([8]).

وقد ذكر العلماء في غسل الميت إنه لا يحل مس عورة من له سبع سنين مباشرة، بل يجب أن يلف على يده خرقة أو قفازين فينجيه([9]).

ملخص أحكام صلاة المريض

الواجب على المريض أن يصلي على حسب قدرته، فيصلي قائماً إن قدر على ذلك، فإن لم يستطع القيام صلى قاعداً على حسب قدرته، والأفضل التربع إذا تيسر له ذلك، فإن عجز عن القعود صلى على جنبه ووجهه إلى القبلة، والأفضل أن يكون على جنبه الأيمن إذا تيسر، فإن لم يتيسر الأيمن فالأيسر، وإن عجز عن ذلك كله صلى مستلقياً على ظهره ورجلاه إلى القبلة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب»([10]).

فإن استطاع القيام للركوع لزمه ذلك، وإن لم يستطع يومئ برأسه، وإن استطاع السجود لزمه ذلك، وإن عجز عنه أومأ برأسه، ويجعل السجود أخفض من الركوع.

فإن لم يستطع الإيماء صلى بعينه؛ يغمض للركوع ويغمض للسجود أكثر، فإن لم يستطع الإيماء بعينه يصلي بقلبه، فينوي بقلبه الركوع والرفع منه والسجود والجلوس، حتى يتم الصلاة؛ لقول الله -تعالى-: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾[التغابن:16]([11]).

ولا تسقط الصلاة ما دام العقل ثابتاً؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «رُفِع القَلمُ عن ثلاثةٍ: عن النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعن الصَّبي حتَّى يحتلِمَ، وعن المجنونِ حتَّى يَعقِلَ»([12]). وأما المريض الذي فقد عقله؛ فليس عليه صلاة، ولا يلزمه قضاءٌ بعد ذلك([13]).

وإذا سقطت الصلاة لفقد عقل؛ سقط الوضوء؛ لأن الوسيلة إذا قصرت عن تحقيق الغاية سقط وجوبها، ويبقى حكم إزالة النجاسة على ما تقدم بيانه؛ لأن إزالة النجاسة مطلوبة ولو لم يرد الصلاة.

 

([1]) انظر: مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (11/155).

([2]) انظر: المغني (1/91)، والكنز الثمين في سؤالات ابن سنيد لابن عثيمين (ص:23).

([3]) انظر: المغني (1/91)، والإنصاف (1/165).

([4]) انظر: الكنز الثمين في سؤالات ابن سنيد لابن عثيمين (ص:23).

([5]) انظر: المغني (1/91)، وكشاف القناع (1/162)، ومجموع فتاوى ابن باز (10/194).

([6]) انظر: المغني (191)، والإنصاف (1/165)، ومجموع فتاوى ورسائل العثيمين (11/155).

([7]) انظر: الإنصاف (1/165)، وفتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (5/140).

([8]) انظر: الإنصاف (1/165)، ودروس للشيخ عبد العزيز بن باز (13/41).

([9]) انظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع (5/275)، ومقتضى ذلك أنه الواجب أيضا على من ينجي الحيّ، وربما كان من باب أولى.

([10]) أخرجه البخاري برقم (1117)، وللدارقطني «فإن لم يستطع أن يصلي على جنبه الأيمن صلى مستلقيا ورجلاه مما يلي القبلة»، وضعفه الألباني في الإرواء (2/345).

([11]) وأما الإيماء بالإصبع وتحريكها عند الركوع والسجود؛ فليس مشروعاً، ولا أصل له. انظر: مجموع فتاوى ابن باز (6/16)، ومجموع فتاوى ورسائل العثيمين (15/238)، وفتاوى نور على الدرب للعثيمين (8/2).

([12]) أخرجه الترمذي (1423)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7346)، وأحمد (956)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1423).

([13]) انظر: فتاوى نور على الدرب للعثيمين (8/2).



visibility 1513 مشاهدة
visibility 1513 مشاهدة

هل كان المقال مفيد؟

logintoaddcomment

ملخص أحكام طهارة المريض وصلاته
15 فبراير 2024
من أراد الطهارة وكان في بعض أعضاء الطهارة جرح فإنه يغسله بالماء إن قدر على ذلك، فإن كان الغسل بالماء يضره؛ غَسل سائر الأعضاء السليمة ومسح محل الجرح مسحاً؛
ملخص أحكام صلاة الاستسقاء
15 فبراير 2024
الاستسقاء: استفعال؛ من السقيا. وصلاة الاستسقاء: هي الصلاة لأجل الدعاء بطلب السقيا، على صفة مخصوصة.
فضل الصلاة وخطر التهاون بها
15 فبراير 2024
الصلاة أهم أَركان الإسلام بعد الشهادتين، أمر الله -تعالى- بالمحافظة عَليها في كلِّ حال حضرا وسفرا، سِلما وحربا، صِحة ومرضا، وهي من آخر وصايا رسول اللهِ ﷺ لأمته