بسم الله الرحمن الرحيم
خطورة المجاملة في دفع الزكاة
الحمد لله الذي جعل المال عماد الأنفس وقوامها، وأذهب بالنوال شحها وفك أغلالها، والصلاة والسلام على خير من صلى وصام، وأدى الزكاة وقام، وعلى آله وصحبه ما وصل بالبر واصل، وجاد بالعطية نائل.
أما بعد: فإن الزكاة حصن للمال من البوار، وجنة لصاحبه من سوء المنقلب والقرار، يتجلى فيه سمو مجتمع الإسلام وجماله، ويظهر به رونق الدين وكماله، وتتحقق به معالي المعاني من المواساة والإخاء، شرعه الله طهرة للنفس من غوائل الشح والجشع المذموم، وجعله بلغة للسائل والمتعفف المحروم.
وإن مما ينزع من الزكاة معناها، وينسف عنها حقيقتها ومغزاها حتى يذرها شكلا بلا مضمون، وخواء فارغا لا تدفع ضرورة ملجئة، ولا حاجة حاقَّة، أن يمتري فيها صاحبها فيسلك بها مسالك المجاملة والاحتيال، ومواطن الشبه والاحتمال، مستنكفًا عن طريق اليقين، ومعرضا عن السبيل المستبين.
ومن صور المجاملات التي دخلت على الناس في زكاة أموالهم، واتخذوها سبيلا لاتقاء شرور الناس ومذامهم، أو ابتغاء ودِّهم ومحامدهم ما يلي:
ألا فليعلم المزكي أن الله مطلع على السرائر والنيات، وعالم بالغيب والخفيات، لايعزبه مثقال ذرة في الأرض ولا في السموات، فليحذر أن يورد نفسه إلى مواطن الشبه، ويفتح على ماله ورزقه أسباب الهلاك، ولْيضع ماله حيث أمره الله، فإن الله تولى بنفسه بيان المصارف والجهات وما فرط في الكتاب من شيء.
فالنصاب الواجب من المال حقٌّ للأصناف التي نص الله عليها في كتابه، وليس لصاحب المال أن يُتبع نفسه هواها، فيجامل في هذه المصارف احتيالا على الشرع، فإنه لا تبرأ ذمته، ولا تجزئ صدقته حتى يضعها موضعها ويصرفها لمستحقها، فهذا المال أمانة وحقُّ الأمانات أن تؤدى إلى أصحابها، ولن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟.
نسأل الله أن يديم علينا نعمه الظاهرة والباطنة، وأن يولينا شكرها، وأن يجعلها لنا بلغة ليوم المعاد.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.