بسم الله الرحمن الرحيم
حكم صلاة الجماعة مع عدم رص الصفوف احترازا من انتشار فيروس كورونا
حكم تسوية الصفوف ورصها في الصلاة:
ورد كثير من الأحاديث النبوية الدالة على مشروعية تسوية الصفوف في الصلاة، ورصها وسد فرجها، ومن ذلك: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" سووا صفوفكم، فإن تسوية الصف من تمام الصلاة". رواه البخاري (690)، ومسلم (433).
وحديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم". رواه البخاري (717)، ومسلم (436).
وأجمع العلماء على أن تسوية الصفوف ورصها مطلوبة شرعا. واختلفوا في حكمها التكليفي على قولين:
فذهب أغلب العلماء – ومنهم المذاهب الأربعة - إلى أنها مستحبة.
وذهب بعض العلماء كالإمام البخاري وابن حزم وابن تيمية إلى وجوبها.
واختار الشيخ محمد العثيمين أن التسوية الواجبة هي" تسوية المحاذاة، بحيث لا يتقدم أحد على أحد". وذكر أن هناك تسوية بمعنى الكمال – أي ليست واجبة – وهي التراص في الصف وتكملة الصف الأول فالأول، وسد الفرج بينهم". الشرح الممتع (3/10-13) بتصرف يسير.
حكم صلاة من لم يسو صفه:
على كلا القولين – السنية والوجوب – فإن الصلاة لا تبطل بترك تسوية الصفوف ورصها وسد فرجها، لانفكاك الجهة،قال ابن حجر:" ومع القول بأن التسوية واجبة، فصلاة من خالف ولم يسو صحيحة؛ لاختلاف الجهتين، ويؤيد ذلك أن أنسا مع إنكاره عليهم لم يأمرهم بإعادة الصلاة". فتح الباري(2/246)
وقال الشيخ محمد العثيمين:" فيه احتمال، قد يقال: إنها تبطل، لأنهم تركوا الواجب. ولكن احتمال عدم البطلان مع الإثم أقوى؛ لأن التسوية واجبة للصلاة يأثم الإنسان بتركها، ولا تبطل الصلاة به كالأذان مثلا، فإنه واجب للصلاة، ولا تبطل الصلاة بتركه". الشرح الممتع (3/10).
وهذا كله في حال السعة وعدم العذر، فمن باب أولى أن تصح الصلاة بدون تسوية الصفوف ورصها إذا وجد العذر كالخوف من انتشار فيروس كورونا؛ لأن درء مفسدة انتشار كورونا بإقامة صلاة الجماعة مع عدم رص الصفوف أولى من المحافظة على مصلحة رص الصفوف الذي يؤدي إلى انتشار العدوى وتعطيل المساجد.
ويقول ابن تيمية:" فليست المصافة أوجب من غيرها، فإذا سقط غيرها ( كالقيام وإتمام الركوع والسجود) للعذر في الجماعة، فهي أولى بالسقوط". مجموع فتاوى ابن تيمية (20/559) و(23/397).