حكم الصوم في السفر

صورة لمشاركة المدونة حكم الصوم في السفر

حكم الصوم في السفر([1])

الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن المسافر في نهار رمضان مخيَّرٌ بين الصيام والفطر سواءٌ طالتْ مدةُ سفره أمْ قصُرتْ، لعموم قوله تعالى:{وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. ولحديث أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال:" كُنَّا نُسَافر مع النبي - صلى الله عليه وسلّم - فَلَمْ يَعِب الصائمُ على المُفطِر ولا المفْطِرُ على الصائمِ". رواه البخاري (1947)، ومسلم (1116).

والأفضل للمسافر فعلُ الأسهلِ عليه من الصيام والفِطرِ، ويتضح ذلك من خلال الأحوال الأربعة الآتية:

الحال الأولى: أن يكون الصوم والفطر للمسافر سواء، فلا يجد مشقة زائدة في الصوم في السفر عن الحضر، فإن الأفضل الصوم ويجوز له الفطر لما يأتي:

1- عن حمزة بن عمرو الأسلميِّ رضي الله عنه، أنه قال: يا رسول الله أجد بي قُوَّةً على الصيام في السفر، فهل عليَّ جُنَاحٌ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي رخصة منَ الله فمن أخذ بها فَحَسَنٌ، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه". رواه مسلم.

2- عن أبي الدرداءِ رضي الله عنه قال:" خَرَجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلّم - في رمضانَ في حرٍّ شديدٍ، حتى إنْ كان أحَدُنا ليضع يَدَه على رأسِهِ من شدةِ الحرِّ، وما فينا صائمٌ إلاَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - وعبدُالله بنُ رواحة". رواه البخاري (1945)، ومسلم رقم (1122).

3- لأنَه أسْرعُ في إبراء ذمته، وأنشط له إذا صامَ معَ الناسِ.

الحال الثانية: أن يجد المسافر مشقة في الصوم، فإنَّ الأفضل له الفطر، ويكره له الصوم؛ لحديث جابرٍ رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم كان في سفرٍ، فرأى زحامًا ورجلاً قد ظُلِّلَ عليه، فقال:" ما هذا؟ " قالوا: صائمٌ، فقال:" ليس من البرِّ الصيامُ في السفر". رواه البخاري (1946) ومسلم (1115).

الحال الثالثة: أن يجد المسافر في الصوم مشقة شديدة أو ضررا، فيجب عليه الفطر ويحرم عليه الصوم؛ لحديث جابر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإنما ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال:" أولئك العصاة أولئك العصاة". رواه مسلم (1114).

الحالة الرابعة: أن يحصل المسافر بالفطر زيادة عبادة أو مصلحة كأن يتقوى به على الجهاد، أو على أداء العمرة، فالأفضل له الفطر ويجوز له الصوم، لما جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة – يعني في فتح مكة - ونحن صيام قال: فنزلنا منزلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم قد دنوتم من عدوكم، والفطر أقوى لكم، فكانت رخصة، فمنا من صام، ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلا آخر، فقال: إنكم مصبحو عدوكم، والفطر أقوى لكم فأفطروا، وكانت عزمة فأفطرنا، ثم لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في السفر .رواه مسلم (1120).

 

([1]) انظر: مجموع فتاوى محمد العثيمين (19/30، 135).



visibility 1628 مشاهدة
visibility 1628 مشاهدة

هل كان المقال مفيد؟

logintoaddcomment

ملخص أحكام طهارة المريض وصلاته
15 فبراير 2024
من أراد الطهارة وكان في بعض أعضاء الطهارة جرح فإنه يغسله بالماء إن قدر على ذلك، فإن كان الغسل بالماء يضره؛ غَسل سائر الأعضاء السليمة ومسح محل الجرح مسحاً؛
ملخص أحكام صلاة الاستسقاء
15 فبراير 2024
الاستسقاء: استفعال؛ من السقيا. وصلاة الاستسقاء: هي الصلاة لأجل الدعاء بطلب السقيا، على صفة مخصوصة.
فضل الصلاة وخطر التهاون بها
15 فبراير 2024
الصلاة أهم أَركان الإسلام بعد الشهادتين، أمر الله -تعالى- بالمحافظة عَليها في كلِّ حال حضرا وسفرا، سِلما وحربا، صِحة ومرضا، وهي من آخر وصايا رسول اللهِ ﷺ لأمته