بسم الله الرحمن الرحيم
القول المختصر في حكم زكاة المال المدخر
الحمد لله الذي آوى إلى الجنات من ادخر عنده الحسنات، وثوى في النار من تراكمت عليه السيئات، والصلاة والسلام على خير الرسل وأزكى البريَّات
أما بعد:
فإنَّ من اقتضاء الضرورات المتوقعة، ودواعي الحاجات المرتقبة، اقتصاد المال وادخاره، وتنميته وإكثاره، حتى يبلغ المرء بقليله كثيره، وبخسيسه نفيسه، فكم من حاجة لا يتأتى الحصول عليها إلا بالجمع والتوفير، والاقتصاد في الإنفاق وعدم التبذير.
وإن من الحاجات التي يكثر الادخار لها ما حث عليه الشارع ودعا إليه كالحج والزواج ونحو ذلك ممَّا تجتمع فيه مصالح الدين والدنيا.
ومن هنا فإنَّ الشارع لم يحرِّم كنز المال وادخاره مطلقًا، بل أباح ذلك وأحلَّه بضوابط تأتلف بها مقاصد الشريعة وتتفق، وتدفع أسباب الخلل عنها وتمنع، ومن أهم هذه الضوابط وآكدها: أن يؤدي المالك من ماله المدَّخر فريضة الزكاة، فلا يحبسه عن الزكاة طمعًا في الاستكثار، واستعجالا به إلى ثمار الادخار.
فالمال إذا توفرت فيه شروط الزكاة كبلوغ النصاب وحولان الحول وجبت فيه الزكاة، حتى وإن كان مدخرا لحاجة كشراء بيت أو لزواج أو غيرها، وهذا ما تضافرت عليه الأدلة وأفتى به الأئمة، وممن أفتى به سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله ، وفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ، وصدر به قرارات الهيئات والمجامع الفقهيَّة كما في قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم 143 (1/16) في دورته 16 بدبي 1426هـ، ونصه: "تجب الزكاة في مبالغ الحسابات الجارية، ولا أثر لكون الأموال مرصدة لحاجة مالكها".
ولا يختلف في هذا مال عن مال فجميع الأموال من الذهب والفضة والأوراق النقديَّة في هذا سواء، والزكاة لا تزيد المال إلا نموًّا وبركة كما قال صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال).
فليجنب المسلم ماله أسباب الهلاك، وليحذر موجبات الغضب والعذاب قال تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم)
اللهم أوزعنا شكر نعمك، وجنبنا موجبات نقمك، واقض لنا الحاجات، واغفر لنا الزلات، وارفعنا عندك درجات، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه أجمعين.