الدم وأثره في الصوم([1])
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: يتساءل بعض الناس عن أثر خروج الدم من الصائم أو إدخاله فيه على الصوم، ويمكن تفصيل ذلك في خمس مسائل كما يأتي:
الأولى: حقن الدم في الصائم المريض يفسد الصوم؛ لأن الدم هو غاية الطعام والشراب. ومثله تعمد بلع الدم من سن أو جرح ونحوهما.
الثانية: خروج دم الحيض والنفاس مفسد للصيام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:( أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ ). رواه البخاري (304)، ولإجماع العلماء على ذلك.
الثالثة: الصحيح من أقوال أهل العلم أن الحجامة تكره للصائم، ولكنها لا تفسد الصوم، وهو قول جمهور العلماء؛ للجمع بين الأحاديث الواردة في ذلك، ومنها: حديث ابن عباس رضي الله عنهما:" أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم". أخرجه البخاري ( 1938). وحديث شداد بن أوس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على رجل بالبقيع، وهو يحتجم وهو آخذ بيدي لثماني عشرة خلت من رمضان، فقال:" أفطر الحاجم والمحجوم". أخرجه أحمد وأبو داود، وقال ابن حجر في بلوغ المرام: صححه أحمد وابن خزيمة. وكذلك الفصد والشرط لا يفسدان الصوم لعدم الدليل على ذلك، وقياسا على الحجامة.
الرابعة: الصحيح من أقوال أهل العلم أن سحب الدم من الصائم سواء كان للتحليل أو التبرع لا يفسد الصوم، ولو كان الدم المسحوب كثيرا، قياسا على الحجامة.
الخامسة: خروج الدم من الإنسان بغير قصد سواء من جرح في بدنه أو سن أو رعاف أو باسور أو استحاضة ونحوها إذا لم يتعمد بلع الدم لا يفسد الصوم سواء كان الدم كثيرا أم قليلا؛ لأنه خرج بغير اختياره، ولأن الأصل صحة الصيام حتى يأتي دليل على فساده، ولا دليل.
([1]) انظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/271-274)، فتاوى اللجنة الدائمة (10/261-268)، مجالس رمضان ص (66-67)، مجموع فتاوى محمد العثيمين (19/239-256).