سبائك الذهب في التحذير من بدع شهر رجب

صورة لمشاركة المدونة سبائك الذهب في التحذير من بدع شهر رجب

بسم الله الرحمن الرحيم
سبائك الذهب في التحذير
من بدع شهر رجب

الحمد لله الذي جعل الشمس ضياءً والقمرَ نورا، وجعل الليلَ لباسًا والنوم سباتًا وجعل النهارَ نشورا، والصلاة والسَّلام على مَن أشرقت سُنَّته أهلَّةً وبدورًا، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته صلاة دائمة، وسلامًا يترا.

أما بعد: فإنَّ الله -سبحانه وتعالى- قد فاضل بين الشُّهور والأيَّام، وزاوَلَ بين الدُّهور؛ بما خصَّها مِن فضائلَ وأحكام، وجعل عدَّة الشُّهور اثني عشر شهرا؛ منها أربعةٌ حرام، رجب مضر، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرَّم أوّلُ العام، فلا تُنتَهك فيها الحرماتُ، ولا تُقتَرَف فيها جلائلُ الآثام، بل حُرِّم فيها: ابتداءُ القتالِ، وانتهاكُ حرمتها بالنِّزال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ}[المائدة:2]، فحقٌّ على المسلم تخصيصُها بالتعظيم والإجلال؛ فهي مِن شعائر الله التي تزكو النفوسُ بتعظيمِها؛ قال تعالى: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}[الحج:32].

وقد ضلَّ كثيرٌ مِن الخلق سنن تعظيم هذه الشهور، فزَينت لهم نفوسُهم ما لم يَشرَع اللهُ مِن بدعٍ ومُحدَثات، وأحدثوا فيها ما لم تأت به سُنَّةٌ ولا نزل به كتابٌ مسطور، وممَّا أحدثوا في شهر رجبٍ من العادات والنذور: تخصيصُ نهارِه بالصيام، وإحياءُ ليلِه بمزيدٍ مِن القيام، والتعبُّدُ بذبح البهائمِ ونحرِ الأنعام، وأتَوا في ذلك مِن العجائب؛ ومنها ما سمَّوه بصلاة الرغائب، واحتفلوا بليلة فيه؛ ادَّعَوها ليلةَ الإسراء والمعراج، وكلُّها بدعٌ محدثات، ومعاصٍ وضلالات؛ ليس لهم عليها دليلٌ ولا سلطان، ولا نصٌّ مِن شرع الله ولا وبرهان، فدونك ما سطَّره الأئمَّة الأعلام، مِن القول الفصل في هذه البدع الجسام.

دعاء دخول رجب، وكلام أئمة الحديث عنه:

روى زائدة بن أبي الرقاد، عن زياد التميمي، عن أنس، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل رجب قال: ((اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلِّغنا رمضان))([1]).

قال الطبراني: "لا يُروَى هذا الحديثُ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا بهذا الإسناد، تفرّد به: زائدة بن أبي الرقاد"([2]).

قال البيهقي: "تفرّد به زياد النميري، وعنه: زائدة بن أبي الرقاد، قال البخاري: زائدة بن أبي الرقاد، عن زياد النميري؛ منكر الحديث"([3]).

قال ابن رجب –رحمه الله-: "رُوي عن أبي إسماعيل الأنصاري أنه قال: لم يصح في فضل رجب غير هذا الحديث! وفي قوله نظر؛ فإن هذا الإسناد فيه ضعف"([4]).

وقال ابن حجر في "تبيين العجب": "زائدة بن أبي الرقاد رَوى عنه جماعة، وقال فيه أبو حاتم: يحدث عن زياد النميري، عن أنس؛ أحاديث مرفوعة منكرة، فلا ندري مِنْه أو مِن زياد، ولا أَعلم رَوى عن غير زياد؛ فكنا نعتبر بحديثه، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي -بعد أن أخرج له حديثًا- في "السنن": لا أدري مَن هو؟! وقال في "الضعفاء": منكر الحديث، [و] في "الكنى": ليس بثقة، وقال ابن حبان: لا يُحتج بخبره"([5]).

وضعّفه الألباني في "مشكاة المصابيح"([6]).

صلاة الرغائب وغيرها:

وممَّا أحدثه النَّاس في شهر رجب: صلاةٌ تسمَّى بصلاة الرغائب، تُقام في أوّل ليلةِ جمعة مِن رجب، بين العشاءين. ورد ذكره في خبرٍ؛([7]) ذكر أهل العلم أنَّه موضوع، قال الحافظ العراقي: "أورده رزين في كتابه، وهو حديث موضوع"([8]).

وقد نبّه كثير مِن أهل العلم والفقهاء إلى أنَّها بدعة محدثة شنيعة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما صلاة الرغائب فلا أصل لها؛ بل هي محدثة، فلا تُستحب، لا جماعةً ولا فرادى. فقد ثبت في صحيح مسلم: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أنْ تُخَصَّ ليلةُ الجمعة بقيام، أو يومُ الجمعة بصيام([9]). والأثر الذي ذُكر فيها كذب موضوع؛ باتفاق العلماء، ولم يذكره أحد من السلف والأئمة أصلا"([10]).

وقال رحمه الله: "صلاة الرغائب بدعة؛ باتفاق أئمة الدين، لم يَسُنَّها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أحدٌ مِن خلفائه، ولا استحبها أحد مِن أئمة الدينِ؛ كمالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ وأبي حنيفةَ والثوريِّ والأوزاعيِّ والليثِ، وغيرِهم. والحديثُ المروي فيها كذب؛ بإجماع أهل المعرفة بالحديث، وكذلك الصلاةُ التي تُذكَر أولَ ليلةِ جمعةٍ مِن رجبٍ، وفي ليلة المعراج"([11]).

وقال أبو الفرج ابن الجوزي: "موضوعٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم"([12]).

وقال في "التبصرة": "وما يُروَى فيه مِن صلاة الرغائب فحديثٌ لا أصل له، وإني لأَغارُ لصلاة التراويح مِن صلاة الرغائب، وإنما يُتَّهم بوضعها ابنُ جهضم"([13]).

وسئل النووي -رحمه الله- عن صلاة الرغائب المعروفة في أول ليلة جمعة مِن رجب: هل هي سُنَّة وفضيلة، أو بدعة؟

فأجاب: "هي بدعةٌ قبيحةٌ منكرَةٌ أشدَّ إِنكار، مشتملةٌ على منكرات، فيتعيّن تركُها والِإعراضُ عنها، وإِنكارُها على فاعلها، وعلى ولي الأمر -وفقه الله تعالى- منعُ الناس مِن فِعلها؛ فإنه راعٍ، وكلُّ راعٍ مسؤولٌ عن رعيّته. وقد صنّف العلماءُ كُتبًا في إنكارها وذمَّها، وتسفيهِ فاعلها، ولا يُغترُّ بكثرة الفاعلين لها في كثيرٍ مِن البلدان، ولا بكونها مذكورةً في "قوت القلوب" و"إِحياء علوم الدين" ونحوهِما؛ فإنّها بدعة باطلة"([14]).

وكذلك لا يصح تخصيصُ هذا الشَّهر بشيء مِن الصلاة والقيام ونحو ذلك، قال ابن رجب -رحمه الله-: "فأمّا الصلاة: فلم يصح في شهر رجبٍ صلاةٌ مخصوصةٌ تختص به، والأحاديث المرويّة في فضل صلاة الرغائب -في أول ليلة جمعة مِن شهر رجبٍ- كذبٌ وباطلٌ، لا تصح"([15]).

تخصيص رجب بصيام بعضه أو كله:

لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء مخصوص في صيام شهر رجب، وكلُّ ما يُنقَل مِن أخبارٍ عن استحباب صوم بعض أيَّامه -أو كلِّها- أخبارٌ ضعيفةٌ واهية.

قال شيخ الإسلام: "وأمَّا صوم رجبٍ بخصوصه فأحاديثُه كلُّها ضعيفةٌ؛ بل موضوعةٌ! لا يَعتمد أهلُ العلم على شيء منها، وليست مِن الضعيف الذي يُروَى في الفضائل؛ بل عامَّتُها مِن الموضوعاتِ المكذوبات"([16]).

وقال ابن رجب -رحمه الله-: "وأما الصيامُ: فلم يصح في فضل صوم رجبٍ -بخصوصه- شيءٌ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن أصحابه"([17]).

ورُوِي عن أحمدَ، عن خرشةَ بنِ الحر، قال: "رأيتُ عُمرَ يضرب أَكُفَّ المترجبين حتى يضعوها في الطعام، ويقول: كُلوا؛ فإنما هو شهرٌ كانت تُعظِّمُه الجاهلية". صححه الألباني([18]).

تخصيص رجب بعمرة:

مِن الأمور التي يفعلها بعضُ الناس: تخصيصُ شهر رجب بعُمرَة؛ ويسميها بعضُهم: (الرجبية)، واختَلف العلماءُ في حكمها:

فذهب بعضُ العلماء إلى سُنيتها؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- اعتمر أربعَ عُمَرٍ؛ إحداهن في رجب. فأنكرت عائشة عليه، وقالت: " يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! مَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلاَّ وَهُوَ مَعَهُ، وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ ". رواه البخاري (1775، 1776، 1777)، ومسلم (1255).

كما أُثِر عن بعض الصحابة؛ كعمرَ وعثمانَ وابنِ عمرَ وعائشةَ -رضي الله عنهم- أنهم يعتمرون في رجب.

وسئل الشيخ عبدالعزيز بن باز عن حكم العُمرَة في رجب فقال: "لا بأس بذلك"([19]).

وذهب بعض العلماء إلى عدم سُنِّية الاعتمار في شهر رجب، واختاره الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ محمد العثيمين([20])؛ لأنّه لم يَدُلّ عليها دليل صريح في الشرع، ولم تُخَصّ العمرةُ في رجبٍ باستحباب أو منع، بل أَنكَرت الصِّدِّيقةُ بنتُ الصِّدِّيق أمُّ المؤمنين عائشةُ -رضي الله عنها- أنْ يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- اعتمر في شهر رجب، فكيف يُستحبُّ شيءٌ لم يفعلْه عليه الصلاة والسلام ولا أمر به؟!

قال ابن رجب -رحمه الله-: "وأمّا الاعتمار في رجب فقد رَوى ابنُ عمر -رضي الله عنهما- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- اعتمر في رجب؛ فأنكرت ذلك عائشةُ عليه، وهو يسمع، فسكت"([21]).

وقال ابن الجوزي: "اعلمْ أنَّ سكوت ابنِ عمرَ لا يخلو مِن حالين: إما أنْ يكون قد شكّ فسكت، أو أنْ يكون ذَكَرَ بعد النسيان فرجع بسكوته إلى قولها، وعائشةُ قد ضبطت هذا ضبطًا جيِّدًا. وقد تقدم في مسند أنس: اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربع عُمَر؛ كلها في ذي القعدة"([22]).

وقال النووي: "وأما قولُ ابنِ عمر: إنّ إحداهن في رجب؛ فقد أنكرته عائشة، وسكت ابن عمر حين أنكرته. قال العلماء: هذا يدل على أنه اشتبه عليه أو نسي أو شك، ولهذا سكت عن الإنكار على عائشةَ ومراجعتِها بالكلام، فهذا الذي ذكرته هو الصواب؛ الذي يتعين المصير إليه"([23]).

وأما ما أُثِر عن بعض السلف مِن الاعتمار فيه؛ فلأنه نصف السَّنَة -تقريبًا-، فيعتمرون فيه؛ لئلا يتأخروا عن زيارة المسجد الحرام، فيبقى معمورًا في آخر السَّنة بالحج، وفي وسطها بالعمرة.

العتيرة في رجب:

كان أهل الجاهليَّة يخصُّون شهر رجبٍ بذبيحةٍ؛ يسمونها: (العتيرة)، فأبطلها الإسلام؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لاَ فَرَعَ وَلاَ عَتِيرَةَ، وَالْفَرَعُ: أَوَّلُ النِّتَاجِ؛ كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لَطِوَاغِيتِهِمْ، وَالْعَتِيرَةُ: فِي رَجَبٍ))([24]).

قال في "فتح الباري": "قَالَ الْقَزَّازُ: سُمِّيَتْ عَتِيرَةً؛ ‌بِمَا ‌يُفْعَلُ ‌مِنَ ‌الذَّبْحِ، ‌وَهُوَ ‌الْعَتْرُ، فَهِيَ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ؛ هَكَذَا جَاءَ بِلَفْظِ النَّفْيِ، وَالْمُرَادُ بِهِ النَّهْيُ، وَقَدْ وَرَدَ بِصِيغَةِ النَّهْيِ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ؛ بِلَفْظِ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ"([25]).

والمنهيُّ عنه: تخصيصُ هذا الشَّهر بشيءٍ ممَّا سبق؛ كما ذكره أهلُ العلم.

أمَّا مَن كان على عبادة مشروعة، وسُنَّة معلومة، فاتَّفق مع رجب؛ فلا حرجَ عليه أنْ يستكملَ عبادتَهُ، ويُتمَّ طاعتَه.

الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج:

مِن البدع المستحدثة في شهر رجب: الاحتفالُ بذكرى الإسراء والمعراج في الليلة السَّابعة والعشرين منه، وتخصيصُها بأنواعٍ مِن العبادات، مِن أذكارٍ وأدعيةٍ، ونوافلِ الصلوات، والحقُّ: أنَّه لم يَثبُت دليلٌ يعيِّن ليلةَ الإسراء والمعراج؛ وشَهرَه الذي وقع فيه، وقد اختلف أهل العلم في تأريخه.

نقل ابن القيم في "زاد المعاد" عن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- قوله: "ولا يُعرف عن أحدٍ مِن المسلمين أنه جعل لِلَيلة الإسراء فضيلةً على غيرها، لا سيما على ليلة القدر، ولا كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يقصدون تخصيصَ ليلة الإسراء بأمرٍ مِن الأمور ولا يذكرونها، ولهذا لا يُعرف أيَّ ليلةٍ كانت، وإنْ كان الإسراءُ مِن أعظمِ فضائلِه صلى الله عليه وسلم، ومع هذا فلم يُشرع تخصيصُ ذلك الزمانِ، ولا ذلك المكانِ؛ بعبادةٍ شرعية"([26]).

وممَّا ينبغي على الخطباء تحرِّيهِ؛ عدمُ تخصيص هذا الشَّهر بالحديث عن الإسراء والمعراج؛ كي لا يتوهَّمَ العامَّةُ مِن ذلك أنَّ الإسراءَ والمعراجَ إنَّما وقعا في شهر رجب.

هذا ما اقتضاه النصح، وأسعف به الفسح، والغرضُ منه تنبيهُ العامَّةِ مِن الوقوع في البدعِ والمحدثاتِ التي عمَّت بلواها، حتَّى استساغها الناسُ استساغتَهم للسُّنن المستحبّاتِ، والفروضِ الواجباتِ، مِن العباداتِ المشروعات.

أسأل الله أنْ يحفظ علينا دينَنا الذي هو عصمة أمرنا، وأنْ يوفقنا لاتباع سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلَّم-، والوقوفِ عند حدودها، فلو كان فيما يبتدع في الدين مِن الفتن خيرٌ؛ لسبقنا إليه مَن هُم أتقى وأنقى، ولن يَصلُحَ آخرُ هذه الأمّة إلا بما صلح به أوَّلُها.

وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه

أ.د. حمد بن محمد الهاجري

أستاذ كلية الشريعة في جامعة الكويت

3- رجب -1442هـ، الموافق: 15-2-2021م.

الكويت حرسها الله.

 

 

 

([1]) أخرجه أحمد في "مسنده"، مسند عبد الله بن العباس، حديث (2346) (4/180)، والطبراني في "الدعاء" حديث (911) (ص:284)، وله في "الأوسط" حديث (3939)، (4/189)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" حديث (659) (ص:610)، والبيهقي في "شعب الإيمان" حديث (3534)، (5/348).

([2]) الأوسط للطبراني (4/189).

([3]) شعب الإيمان (5/349).

([4]) لطائف المعارف (ص:121).

([5]) تبيين العجب بما ورد في شهر رجب (ت: عوض الله) (ص:38).

([6]) ينظر: مشكاة المصابيح (1/432).

([7]) وهذا الخبر المنسوب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو: رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي. قيل: يا رسول الله ما معنى قولك: رجب شهر الله؟ قال: لأنه مخصوص بالمغفرة، وفيه تحقن الدماء، وفيه تاب الله على أنبيائه، وفيه أنقذ أولياءه مِن بلاء عذابه. ومَن صامه استوجب على الله ثلاثة أشياء: مغفرة لجميع ما سلف مِن ذنوبه، وعصمته فيما بقي مِن عمره، وأمانًا مِن العطش يوم العرض الأكبر. فقام شيخ ضعيف فقال: يا رسول الله! إني لأعجز عن صيامه كله. فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صم أول يوم منه، فإنّ الحسنة بعشر أمثالها، وأوسط يوم منه، وآخر يوم منه؛ فإنك تعطى ثواب مَن صام كله، ولكن لا تغفلوا عن أول ليلة جمعة في رجب، فإنها ليلة تسميها الملائكة: الرغائب. وذلك أنّه إذا مضى ثلث الليل لا يبقى ملك في جميع السماوات والأرض إلا ويجتمعون في الكعبة وحواليها، ويطَّلع الله -عزّ وجل- عليهم اطلاعة، فيقول: ملائكتي! سلوني ما شئتم. فيقولون: يا ربنا حاجتنا إليك: أنْ تغفر لصُوَّام رجب. فيقول الله -عز وجل-: قد فعلت، ثم قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وما مِن أحد يصوم يوم الخميس؛ أول خميس مِن رجب، ثم يصلي فيما بين العشاء والعتمة -يعني ليلة الجمعة- اثنتي عشر ركعة، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة، وإنا أنزلناه في ليلة القدر ثلاث مرات، وقل هو الله أحد، اثنتي عشر مرة، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة، فإذا فرغ مِن صلاته؛ صَلّى سبعين مرة، يقول: اللهم صلِّ على محمد النبي الأمي، وعلى آله، ثم يسجد، فيقول في سجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبعين مرة، ثم يرفع رأسه ... " الحديث.

([8]) ينظر: تخريج أحاديث الإحياء (1/515)، واقرأ فيها ما نقل من كلام أهل العلم عن هذا الخبر.

([9]) أخرجه مسلم في "صحيحه"، حديث (1144)، ونصه: ((لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بقِيَامٍ مِن بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بصِيَامٍ مِن بَيْنِ الأيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكونَ في صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ)).

([10]) ينظر: مجموع الفتاوى (23/132).

([11]) المصدر نفسه (23/134).

([12]) ينظر: "الموضوعات" لابن الجوزي (2/126).

([13]) التبصرة لابن الجوزي (2/20).

([14]) ينظر: فتاوى النووي (ص:57).

([15]) لطائف المعارف (ص:118).

([16]) مجموع الفتاوى (25/290-291).

([17]) لطائف المعارف (ص:118).

([18]) ينظر: إرواء الغليل (4/113).

([19]) مجموع فتاوى ابن باز (17/433)، فتاوى نور على الدرب (17/167).

([20]) فتاوى محمد بن إبراهيم آل الشيخ (6/131)، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (22/279).

([21]) لطائف المعارف (ص:120).

([22]) كشف المشكل من حديث الصحيحين (4/347).

([23]) شرح صحيح مسلم للنووي (8/235).

([24]) متفق عليه.

أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الفرع، حديث (5473)، (7/85).

وأخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب الفرع والعتيرة، حديث (1976)، (3/1564).

([25]) فتح الباري لابن حجر (9/597).

([26]) زاد المعاد (1/57).



visibility 1243 مشاهدة
visibility 1243 مشاهدة

هل كان المقال مفيد؟

logintoaddcomment

ملخص أحكام طهارة المريض وصلاته
15 فبراير 2024
من أراد الطهارة وكان في بعض أعضاء الطهارة جرح فإنه يغسله بالماء إن قدر على ذلك، فإن كان الغسل بالماء يضره؛ غَسل سائر الأعضاء السليمة ومسح محل الجرح مسحاً؛
ملخص أحكام صلاة الاستسقاء
15 فبراير 2024
الاستسقاء: استفعال؛ من السقيا. وصلاة الاستسقاء: هي الصلاة لأجل الدعاء بطلب السقيا، على صفة مخصوصة.
فضل الصلاة وخطر التهاون بها
15 فبراير 2024
الصلاة أهم أَركان الإسلام بعد الشهادتين، أمر الله -تعالى- بالمحافظة عَليها في كلِّ حال حضرا وسفرا، سِلما وحربا، صِحة ومرضا، وهي من آخر وصايا رسول اللهِ ﷺ لأمته