بسم الله الرحمن الرحيم
حكم ذبح الذبائح لشكر النعم أو دفع النقم
مما اعتاد عليه بعض الناس عند حصول النعم، أو اندفاع النقم ذبحُ ذبائحَ بنيات تختلف من شخص إلى شخص، ولا يخلو الأمر من حالات ثلاث:
الحالة الأولى: أن يقصد من ذبح الذبيحة شكر الله على نعمه ودفع نقمه، وفرحا بها، كنزول بيت جديد، أو حفظ القرآن، أو نجاح ولد في الدراسة، أو شفاء مريض، أو عودة غائب، ونحو ذلك، فيذبح ذبيحة ويصنع وليمة يدعو إليها من يحب، أو يوزعها صدقة على الفقراء، فهذا جائز؛ لأن إنعام الله على الناس كبير، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بشكره، فقال تعالى:( فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) النحل:114. ومِن شُكر الله على نعمه شكره بالنسك وهو الذبح لوجه الله، قال الله تعالى (إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر) الكوثر: 1-2. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تفسيرها:" لأن فعل ذلك وهو الصلاة والنحر سبب للقيام بشكر ما أعطاه الله إياه من الكوثر والخير الكثير، فشكر المنعم عليه وعبادته أعظمها هاتان العبادتان،..وأجلُّ العبادات المالية النحر، وأجلُّ العبادات البدنية الصلاة،..وقد امتثل النبي صلى الله عليه وسلم أمر ربه، فكان كثير الصلاة لربه، كثير النحر، حتى نحر بيده فى حجة الوداع ثلاثا وستين بدنة، وكان ينحر فى الأعياد وغيرها".مجموع الفتاوى ( 16/ 532). وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدِم من سفر نحر جزوراً ودعا الناس لذلك؛ كما جاء عن جابر رضي الله عنه" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة نحر جزورا أو بقرة"، وزاد بعض الرواة أنه سمع جابر يقول:" اشترى مني النبي صلى الله عليه وسلم بعيرا بأوقيتين ودرهم أو درهمين، فلما قدم صرارا أمر ببقرة فذبحت فأكلوا منها ..". رواه البخاري (3089).
ويجب الحذر من تخصيص ذبح الذبائح شكرا لله بمكان معين أو زمان معين؛ لأنه تخصيص بلا دليل شرعي فلا يجوز، ويزداد حرمة إذا كان هذا التخصيص ذريعة إلى الشرك أوالبدع.
الحالة الثانية: أن يقصد من ذبح الذبيحة التقرب لغير الله كالجن والأولياء، لجلب نفع أو دفع ضر حاصل أو متوقع، كمن يذبح للأولياء للحصول على مال أو ولد، أو يذبح للجن على عتبة بيته الجديد لدفع شرهم عنه وعن أسرته، فهذا شرك أكبر، يقول الله تعالى (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له) الأنعام:162-163.
الحالة الثالثة: أن يقصد من ذبح الذبيحة لله عز وجل جلب نفع أو دفع ضر حاصل أو متوقع، كمن يفعل ذلك حينما يشتري بيتا جديدا أو سيارة جديدة طلبا لسلامته أو دفعا لشر الشياطين، وكمن يفعله بقصد دفع مرض حاصل أو متوقع، فهذا محرم سدا لذريعة الشرك.
بعض المراجع: المغني (10/207-208)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ( 16/ 532)، حجة التحريض على النهي عن الذبح عند المريض للشيخ سعد بن حمد بن عتيق ص(27)، مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (5/388)، فتوى للشيخ ابن باز على الشبكة العنكبوتية من فتاوى الجامع الكبير بعنوان حكم الذبيحة عند دخول البيت الجديد، فتاوى نور على الدرب لابن باز (2/29، 35-37)، فتاوى اللجنة الدائمة (1/214)، الشرح الممتع (7/550-551)، لقاءات الباب المفتوح ( لقاء رقم 161 ، السؤال رقم 1 ).